الصفحات

الأربعاء، 13 أكتوبر 2010

الإعداد لتفجير ثورة 14 من اكتوبر في الجنوب في العام 1963م من وجهة نظر علي احمد السلامي




خاص ببريد الحراك الجنوبي ****** الملف الجنوبي






الإعداد لتفجير ثورة 14 أكتوبر

في يوم 19 يناير 1839م احتلت بريطانيا عدن.. ثم امتد نفوذها حتى شمل كل مناطق الجنوب اليمني.. ومنذ ذلك الوقت والشعب في الجنوب يقاوم هذا الاحتلال وكانت المقاومة الأولى في نوفمبر 1839م. حين اتفقت القبائل العبدلية والفضلية واخذت تعد نفسها للهجوم على الانجليز في عدن.. وفعلاً تقدم نحو المدينة حوالي أربعة آلاف مقاتل وبدأوا في مهاجمة المراكز البريطانية .. ولكنهم تعرضوا لنيران المدفعية البريطانية، واضطروا على أثرها إلى التراجع بعد ان قتل منهم مائتان وجرح ثمانية وثمانون.. وتلتها بعد ذلك محاولات كثيرة على مر السنين.. أورد هنا بعضها كأمثلة:

أولا: حركة الوحدة الحضرمية، التي دعت إلى توحيد حضرموت وإصلاح أوضاعها.. وقد قاد هذه الحركة شيخان عبدالله الحبشي ومحضار عمر الكاف.. وطبعاً لم تنجح.

ثانياً: حركة العوالق، التي كانت تدعو إلى الإصلاح الإداري وإحلال الكادر الوطني بدلاً عن الكادر الأجنبي وكان يقودها السيد علي بن محمد الجفري.. وطبعاً لم تنجح.

ثالثاً: حركة سلطان لحج.. السلطان علي عبدالكريم فضل .. التي قامت ضد التدخل البريطاني في شؤون السلطنة اللحجية واعترضت على معاهدات الاستشارة التي كانت تفرضها بريطانيا على المحميات آنذاك.

رابعاً: حركة الربيزي المسلحة في العوالق وحركة الدماني المسلحة في أرض العواذل “محافظة أبين حالياً” وحركة السلطان محمد بن عيدروس العفيفي المسلحة في يافع /بني قاصد الذي رفض الوجود الاستعماري في بلاده وظل يحارب فترة طويلة من الزمن ولم يخضع ولم يستسلم.

ان موقع عدن الاستراتيجي جعلها محطة لأطماع المستعمرين والمحتلين عبر مختلف العصور.. وقد قال الحاكم البريطاني في بومباي في الهند، في رسالة وجهها إلى مجلس إدارة شركة الهند الشرقية بشأن عدن في 27 فبراير من عام 1838م.. “إن عدن بالنسبة لنا لا تقدر بثمن.. فهي تصلح كمخزن للفحم طيلة فصول السنة ويمكن ان تكون ملتقى عاماً للسفن المستخدمة طريق البحر الأحمر وقاعدة عسكرية قوية بواسطتها يمكننا ان نحمي ونستفيد من تجارة الخليج العربي والبحر الأحمر والساحل المصري المحاذي الغني بمنتوجاته. وعدن كجبل طارق متى ما أصبحت في أيدينا ستكون صعبة المنال من البر والبحر وانني انظر إلى الموضوع بشمول وعمق أكثر. هكذا يقول، هناك دولتان تتآمران علينا، (يعني على الانجليز) تودان القضاء على نفوذنا في الشرق.. الأولى روسيا القيصرية تتجه نحونا من خلال إيران، والثانية فرنسا وهي آتية من خلال مصر وحين نتصدى لهذه التهديدات سيتحتم على بريطانيا ان تعد لنفسها مراكز دفاعية خارج الحدود”.

ولأهمية عدن الاستراتيجية الدولية أورد هنا توضيحاً لما قاله احد المؤرخين الانجليز حول استيلاء بريطانيا على عدن .. قال: “من غير المحتمل ان يكون “بالمرستون” وقد أتخذ قرار الاستيلاء على عدن لمجرد الحاجة إلى محطة الفحم”.

ان القيم التجارية والحربية متشابكة فيما بينها ومن الصعب الفصل بين احتلال عدن وبين سياسات الهيمنة التجارية، صحيح ان عدن كانت محطة مهمة لتموين السفن بالوقود ونقطة تجمع للشرق الأوسط، فهي بذلك تستمد أهميتها العظمى من موقعها الجغرافي كقاعدة للعمليات البحرية.. ان تجارة بريطانيا الخارجية في حاجة إلى خط مواصلات مضمونة.. من خلال اعتمادها على وجود قواعد ساحلية يحسن اختيارها ويقوم بحراستها الأسطول الملكي البريطاني الكبير.. ان عدن تتبوأ موقعاً حيوياً على طريق البحر المؤدي إلى الهند وقد أرادتها بريطانيا، بسبب صلاحيتها، كمحطة وكقاعدة عسكرية ولكن بصورة رئيسية من أجل منع أية قوة أخرى من السيطرة على منطقة إستراتيجية حيوية. “انتهت الرسالة”.

لهذه الأسباب كلها احتلت بريطانيا عدن وكانت المقاومة الوطنية حينها عنيفة وشرسة كما اعترف بذلك الكابتن “هنس” البريطاني .. استشهد على اثرها 139 شهيداً وجرح الكثير وظل الشعب يقاوم الوجود البريطاني منذ ذلك التاريخ وحتى يوم الاستقلال في الثلاثين من نوفمبر عام 1967م.

إن من أهم الظروف الموضوعية التي مهدت ولعبت دوراً كبيراً في خلق الوعي الوطني والقومي وأيقظت الشعور لدى الجماهير بالظلم من حكم الاستعمار، كان قيام ثورة 23 يوليو عام 1952م .. ثورة مصر بقيادة الرئيس جمال عبدالناصر.. لقد فجرت الوعي القومي والوطني في كل أرجاء الوطن العربي ومنها اليمن.. وكانت عدن مركزاً للإشعاع الفكري والوعي الوطني اليمني والقومي لكل أرض اليمن.. وبدأت تنشأ الأحزاب السياسية والهيئات الوطنية والأندية الثقافية والرياضية والمنتديات الفكرية ثم النقابات العمالية وأخيراً المؤتمر العمالي في عام 1956م.

وكان قيام اتحاد الجنوب العربي في عام 1959م، الذي كونه وأنشأه الاستعمار البريطاني، كان تحدياً كبيراً لإرادة الجماهير اليمنية، التي كانت ترى فيها مخططاً انفصالياً لليمن الواحد.. للوحدة اليمنية... ولذلك عارضته وحاربته ورفضته..

وجاءت ثورة 26 سبتمبر 1962م، التي غيرت مجرى النضال ضد الاستعمار في الجنوب بالدرجة الأولى ارتباطها بثورة 23 يوليو 1952م، ثورة مصر جمال عبدالناصر.

إن ثورة 26 سبتمبر 1962م، خلقت في عدن وفي كل مناطق الجنوب ظرفاً هيأ ومهد واوجد مناخاً ممتازاً لقيام ثورة 14 أكتوبر المجيدة، ولذلك هب الشعب كله في مقاومة الاحتلال البريطاني بدعم وتأييد من ثوار سبتمبر العظيم.

إن الشعور الوطني والحماس الجماهيري الملتهب الذي دب في نفوس المواطنين في كل الجنوب بعد قيام ثورة سبتمبر لا يمكن ان يعطي حقه في عنفوانه وتأججه وصدق المشاعر والحماس المنقطع النظير... ان المؤرخ لهذه الفترة التاريخية من تاريخ اليمن لا يستطيع ان يسجل بكل دقة متناهية موقف الجماهير أثناء وبعد قيام ثورة سبتمبر العظيمة ذلك الموقف الذي يتميز بالسعادة الفائقة والحب الشديد لثورة وثوار 26 سبتمبر المجيدة.

هذه العوامل التي ذكرتها آنفاً أفرزت في المجتمع حالة واسعة من النشاط السياسي، فقد بدأت تتشكل أحداث سياسية ونقابات عمالية، حزب رابطة أبناء الجنوب الذي كان يدعو لقيام دولة في الجنوب.. وحزب الشعب الاشتراكي والحزب الوطني الاتحادي وحزب الأمة وحزب الأحرار الديمقراطي وحزب المؤتمر الشعبي وغيرها من الأحزاب التي كانت تتخذ من عدن مركزاً لنشاطها، كما أفرزت أيضاً حركة القوميين العرب وحزب البعث العربي الاشتراكي والجبهة الوطنية والاتحاد الشعبي الديمقراطي، الذي اتخذ من الاشتراكية العلمية أساساً لمبادئه ومفاهيمه الفكرية وأفرزت أيضاً المؤتمر العمالي الذي كان يضم كل نقابات عدن و كان يقود الحركة النقابية كلها.

وأود هنا أن أعطي صورة موجزة عن هذه الأحزاب التي أنشئت في عدن بعد عام 1952م، او قبله بقليل.

أولاً: حزب المؤتمر الشعبي، الذي تأسس في عام 1954م برئاسة علي محمد لقمان وكان يدعو إلى قيام دولة عدنية مستقلة تنضم إلى دول الكومنولث.

ثانياً: الحزب الوطني الاتحادي: تأسس في عام 1954م، برئاسة حسن علي بيومي وكان يدعو إلى استقلال عدن وضمها إلى بقية مناطق الجنوب لتشكيل اتحاداً رسمياً.

ثالثاً: رابطة أبناء الجنوب العربي التي تأسست في عام 1951م، والتي كانت تدعو إلى قيام دولة في الجنوب.. وقد تأسست الرابطة برئاسة السيد محمد علي الجفري وأمينها العام السيد شيخان عبدالله الحبشي.

رابعاً: حزب الشعب الاشتراكي، تأسس في في يوليو سنة 1962م، برئاسة عبدالله عبدالمجيد الاصنج ونائبه محمد سالم علي عبده وكان يرفع شعار حزب البعث العربي الاشتراكي.. وحدة.. حرية.. اشتراكية.. وكان يدعو إلى تحرير اليمن من الاستعمار والرجعية ووحدته على أساس ديمقراطي اشتراكي وكان يطرح حق تقرير المصير للشعب في الجنوب للتعبير عن رغبته في الوحدة مع الشمال.

وأود الآن أن أضع بين أيديكم الحالة السياسية والعلاقة بين الاستعمار البريطاني والمحميات الغربية والمحميات الشرقية، التي كان يعيشها جنوب الوطن آنذاك.

أولاً: بالنسبة لمدينة عدن.. فقد كانت مستعمرة بريطانية مارست بريطانيا فيها أسلوب طريقة الحكم المباشر.

ثانياً: بالنسبة للسلطات والإمارات والمشيخات.. فقد فرضت بريطانيا الحماية بمعاهدات مع السلاطين وقد كانت هذه المعاهدات التي وقعها حكام الجنوب معاهدات أبدية وتقيد الحكام في حريتهم في إدارة شؤون بلادهم وتفيد هذه المعاهدات بان السلطان لا يحق له ان يتصل بأية دولة أجنبية ولا يراسل أو يتفق مع أية حكومة أخرى دون الموافقة من السلطة البريطانية في عدن ولا يحق للسلطان أو الأمير أو الشيخ ان يرهن أو يؤجر أو يبيع أو يهدي أية قطعة أرض من أرضه لأية دولة أخرى إلا بعد موافقة المندوب السامي البريطاني، ويتعهد السلطان بأن يوقع هذه المعاهدة بالأصالة عن نفسه وعن ورثته وحلفائه.

ثالثاً: إن هذه المعاهدات التي أبرمتها بريطانيا مع حكام الجنوب لا تدخل في إطار الحماية الاختيارية التي تستند إلى اتفاقية بين دولتين من أجل الدفاع عن الدولة المحمية ورعاية مصالحها على الصعيد الدولي بل تدخل في إطار الحماية الاستعمارية التي تفرض بالقوة على أية دولة أو قبيلة أو ما شابه ذلك.

إن بريطانيا فضلت أسلوب الحماية على طريقة الضم المباشر، التي تثير روح المقاومة لدى المواطنين ولدى زعماء البلاد، ولان الضم يكلف كثيراً لانه يتطلب جهازاً إدارياً جديداً بينما أسلوب الحماية يبقى على الأجهزة الإدارية المحلية ويستفيد من تعاونها ويبقي على تخلفها.

هذه صورة موجزة عن الوضع الذي كان سائداً في الجنوب وأريد هنا ان أضعكم في صورة موجزة أيضاً عن موقف الحكم الإمامي في شمال الوطن .. وهو كالتالي:

أولاً: إن بريطانيا كانت مهتمة جداً بفرض معاهدات الحماية على كل مناطق ودويلات الجنوب وذلك خوفاً من المطالبات التاريخية للإمام في الشمال بالمناطق الجنوبية.

ثانياً: اتفقت بريطانيا والدولة العثمانية على تخطيط الحدود بين “ولاية اليمن” وبين المقاطعات التسع وهي التسمية التي كانت تعرف بها مناطق اليمن الجنوبي.. وقد وقع الطرفان على المعاهدة عام 1914م.

ثالثاً: رفض الإمام بعد الحرب العالمية الأولى معاهدة 1914م، هذه التي تمت بين بريطانيا والدولة العثمانية وبدورها فان بريطانيا أيضاً رفضت وجهة نظر الإمام ورفضه للمعاهدة.

رابعاً: حاولت بريطانيا التفاهم مع الإمام حول الحدود في محاولتين في عام 1919م وفي عام 1920م لكن الإمام رفض وأصر على حقوقه كاملة في الجنوب.

خامساً: استخدمت بريطانيا القوة ضد الإمام في الشمال، عندما فشلت كل المساعي وذلك في عام 1927م وعام 1928م حيث استخدمت (بريطانيا) في هذا الصراع الطائرات الحربية.. واستخدمت النعرات الطائفية بين الشوافع والزيود.

سادساً: بعد هذه الحرب نجحت بريطانيا في فبراير سنة 1934م في توقيع معاهدة مع الإمام تم على اثرها استقرار الوضع الحدودي والأمني بين الشمال والجنوب.

وأريد هنا أن أبرز أهم النقاط الواردة في المعاهدة وهي:

1/ اعتراف بريطانيا باستقلال إمام اليمن استقلالاً تاماً.

2/ جاء نص المادة الثالثة وهي أبرز مواد المعاهدة (معاهدة 1934م) كما يلي:

(يؤجل البت في مسألة الحدود اليمنية إلى أن تتم مفاوضات تجري بينهما قبل انتهاء مدة هذه المعاهدة، بما يرضي الفريقين المتعاهدين الساميين عليه بصورة ودية وباتفاق كامل بدون إحداث أية منازعة أو مخالفة. وإلى أن تتم المفاوضات المشار إليها في الفقرة السالفة الذكر فالفريقان المتعاهدان الساميان يقبلان ان تبقى الحالة الحاضرة فيما يتعلق بالحدود في تاريخ التوقيع على هذه المعاهدة ويتعهد الفريقان الساميان بان يمنعا بكل ما لديهما من الوسائل ان تصدر من قواتهما في الحدود المذكورة أية مشكلة وأي تدخل من أتباعهما أو جانبهما في تلك الحدود في شؤون الأهالي القاطنين في الجانب الآخر من الحدود المذكورة.

ـ مدة هذه المعاهدة أربعون سنة (40 عاماً)

ـ عدم المساس بالوجود البريطاني في اليمن الجنوبي المحتل.

ـ مناطق الجنوب المتنازع عليها تبقى تحت نفوذ بريطانيا طوال هذه المدة وحتى يعقد بشأنها حل مرضٍ.

سابعاً: استمرت العلاقات بين الإمام يحيى وبريطانيا بعد معاهدة 1934م تحمل نفس الطابع وهو دعم مكاسب بريطانيا في الجنوب واستمرار تراجع الإمام.

ثامناً: في عام 1951م وقع الإمام احمد وبريطانيا على اتفاقية تضمنت قيام لجنة حدود مشتركة لدراسة وضع المناطق المتنازع عليها.. ويبقى الوضع الراهن على ما هو عليه إلى أن تنتهي اللجنة من أعمالها.

تاسعاً: بقيت الحدود كما هي.. تعالج في إطار نظرة الاحتلال التاريخية من جانب الإمام .. والإصرار على الاحتفاء بالمستعمرة والمحمية من جانب بريطانيا.

عاشراً: إن الإمام يحيى قد اقر بوجود الاستعمار من خلال توقيعه على معاهدة 1934م وجاء بعده ابنه الإمام احمد الذي رسخ أقدام بريطانيا باستمرار تجميد الأوضاع لصالح بريطانيا.. وبذلك يكون قد ضيع قضية شمالاً وجنوباً.. هكذا كانت الأوضاع في اليمن شماله وجنوبه إلى أن قامت ثورة 26 سبتمبر 1962م وبعدها ثورة 14 أكتوبر 1963م.

إن الأحزاب التي تشكلت في عدن من أجل الحصول على الاستقلال من بريطانيا استقلال كل الجنوب.. لم تكن قادرة على ذلك لان نشاطها كان محصوراً في مدينة عدن فقط.. باستثناء حركة القوميين العرب، التي امتد نشاطها وغطى كل مناطق الجنوب من عدن وحتى المهرة.

وأريد هنا أن أسجل عن تنظيم حركة القوميين العرب الحقائق التالية:

أولاً: تكون فرع حركة القوميين العرب في اليمن في شهر أكتوبر من عام 1959م.. من الإخوة القياديين التالية أسماؤهم:

1) فيصل عبداللطيف الشعبي

2) علي احمد ناصر السلامي

3) سيف احمد صالح الضالعي

4) طه احمد مقبل

5) سلطان احمد عمر العبسي

هذه هي قيادة حركة القوميين العرب لكل أرض اليمن شمالاً وجنوباً وكان الأخ سلطان احمد عمر مكلفاً بقيادة تنظيم الحركة في شمال الوطن.

ثانياً: إن تنظيم حركة القوميين العرب في اليمن كان يؤمن بان تحرير الجنوب من الاستعمار لابد ان يتم بالكفاح المسلح وكان يعد لهذه المرحلة إعداداً جيداً من رجال وعتاد.

ثالثاً: إن الحركة كانت ترى ان يتحرر الشمال من النظام الإمامي الكهنوتي المستبد أولاً قبل بدء الكفاح المسلح في الجنوب.. وعلى هذه الاستراتيجية النضالية خططت الحركة، وكان للحركة في شمال الوطن اتصالاتها وخلاياها وعلاقتها الواسعة بين العمال والمثقفين والضباط الأحرار والتجار والطلاب وغيرهم.

رابعاً: استطاعت الحركة ان تنشئ وتشكل خلاياها التنظيمية بصورة سرية ودقيقة في عدن وفي كل مناطق الجنوب .. مروراً بحضرموت وحتى المهرة وذلك منذ عام 1959م.

خامساً: عضو حركة القوميين العرب كان يختار اختياراً جيداً وبدقة متناهية ويبنى فكرياً ويوجد داخل خلية من خمسة أفراد أو ثلاثة في بعض الأحيان حسب ظروف المنطقة .. وتجتمع الخلايا أسبوعياً.. وعضو الحركة يحاسب حتى على سلوكه الشخصي فهو يجب ان يكون قدوة في سلوكه وأخلاقه وثقافته ووعيه.. وهو يخضع أسبوعياً للنقد والنقد الذاتي ويتربى على شعار (نفذ ثم ناقش).. وعلى هذه الصورة بني تنظيم حركة القوميين العرب في الجنوب من عام 1959م وحتى يونيو 1964م يوم انطلاقة الثورة بشكل منظم ومستمر، نشاط وعمل دائب تحت الأرض وبسرية متناهية في المدن والقرى والوديان والجبال وفي كل الأرياف.. وأخيراً في صفوف ضباط وجنود جيش الاتحاد.

سادساً: أعلن قيام الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل من تنظيمات مختلفة كانت عناصر الحركة قيادتها الحقيقية.

سابعاً: استطاعت الجبهة القومية ان تعلن وتقود الكفاح المسلح ضد الاستعمار لعاملين رئيسيين اثنين:

1) علاقة الأمانة العامة لحركة القوميين العرب في بيروت بالرئيس جمال عبدالناصر والتي كانت تعقد لقاءات منتظمة مع الرئيس جمال في مصر.. وقد طرحت على الرئيس جمال رغبة الجبهة القومية في الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني في الجنوب ووافق الرئيس جمال وأمر فوراً بالدعم والتأييد (الأمانة العامة كانت مكونة من الإخوة جورج حبش وهاني الهندي ومحسن إبراهيم).

2) العامل الثاني هو تنظيم الحركة المتين والواسع في الجنوب والذي استمر بناؤه خمس سنوات تحت الأرض.. تلقى أعضاؤه فكراً قومياً ووطنياً واضحاً وتدريباً عسكرياً للعمل الفدائي.. منضبطاً كل الانضباط.. منفذاً لكل قرارات وأوامر قيادة الحركة وقيادة الجبهة القومية بكل دقة ومسؤولية .. وبدون تردد.

اتخذت الجبهة القومية من مدينة تعز مقراً لقيادتها وبالمقابل شكلت مصر جهازاً من الضباط المصريين لمساعدة قيادة الجبهة القومية في مهامها النضالية.. وكانت قيادة الجبهة القومية مكونة من التالية أسماؤهم:

1) فيصل عبداللطيف الشعبي

2) علي احمد السلامي

3) قحطان محمد الشعبي

4) طه احمد مقبل

5) سيف احمد صالح ضالعي

6) سالم زين محمد

7) جعفر علي عوض

8) عبدالباري قاسم

9) علي محمد سالم الشعبي

10) عبدالفتاح إسماعيل

وأود هنا أن أشير إلى التالي:

أولاً: كل أعضاء قيادة الجبهة القومية المذكورين آنفاً أصلاً من أعضاء حرمة القوميين العرب.

ثانياً: التنظيمات التي تشكلت منها الجبهة القومية كانت كلها مؤيدة ومناصرة لتنظيم الحركة وأغلب قيادتها من أعضاء الحركة.

ثالثاً: استمر الكفاح المسلح يتطور ويتعزز ويشتد وسيطر على كل أرض الجنوب .. وقلب كل المعايير والمقاييس لكل القوى الخارجة عن الكفاح المسلح وغير حساباتها.. واندفعت الجماهير مؤيدة ومناضلة.

رابعاً: تشكلت جبهات قتال في كل مناطق الجنوب بقيادات منظمة.

خامساً: كانت كل صرفيات جبهات القتال من مال وسلاح تدفع من قبل الجهاز المصري وكذا صرفيات ونفقات قيادة الجبهة أيضاً.

سادساً: أصبحت تعز والبيضاء وقعطبة وإب مراكز انطلاق وسنداً متيناً لثورة 14 أكتوبر وشكل تلاحماً ثورياً صلباً كانت نتيجته جلاء الاستعمار البريطاني من أرض الجنوب والاستقلال في يوم 30 نوفمبر 1967م.

سابعاً: بعد مرور حوالي عامين على الكفاح المسلح انفتح رجال الجبهة القومية على القوى الوطنية في الجنوب وتكونت جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل من الجبهة القومية ومنظمة التحرير.. وذلك في 13 يناير 1966م حرصاً على الثورة الوطنية وتوحيد قوى النضال في وجه المستعمر.

ثامناً: في تاريخ 12 ديسمبر 1966م اجتمعت مجموعة من أعضاء الجبهة القومية في منطقة “خمر” في قعطبة وأعلنت انسحابها من جبهة التحرير.

تاسعاً: إن الاستعمار البريطاني قد انزعج من قيام جبهة التحرير واحتضانها وتوحيدها لكل القوى الوطنية في الجنوب تحت رعاية الرئيس جمال عبدالناصر وقيادة ثورة 26 سبتمبر.. وقد قال الرئيس جمال عبدالناصر: (إن المعركة الحالية والدائرة فعلاً الآن والموجبة لاهتمام العالم العربي كله لهي معركة الجنوب العربي والخليج العربي فهذه هي آخر معاقل السيطرة البريطانية في الشرق العربي). وقال: (إن قيام ثورة في اليمن طرح بشدة مسألة تحرير الجنوب والخليج ورفعها إلى أعلى في قائمة الأولويات العربية، فالانجليز الذين يركزون جهدهم الآن ضد الثورة اليمنية لا يفعلون ذلك بسبب اليمن ذاته ولكن بسبب رغبتهم في تسوية الأوضاع في الجنوب العربي والخليج في غيبة عن أي تواجد أو تأثير لبقية الأمة العربية). (كتاب الانفجار 1967م لمحمد حسنين هيكل صفحة 221). وفي مقابلة مساعد وزير الخارجية الأمريكية مستر فليبس تالبوت للرئيس عبدالناصر أشار إلى تشجيع الجمهورية العربية المتحدة للثورة ضد الاستعمار البريطاني في الجنوب العربي وقد رد عليه الرئيس جمال: بأن الحكومة البريطانية تتدخل ضد الثورة وترسل الأسلحة والأموال والمرتزقة إلى اليمن. (كتاب الانفجار 1967م لمحمد حسنين هيكل صفحة 169).

عاشراً: أن الاستعمار استغل الانقسامات في الصف الوطني في الجنوب وعمل على توسيع شقة الخلاف.

حادي عشر: في تاريخ 7 نوفمبر 1967م اعترف جيش الاتحاد بالجبهة القومية.. وبهذا الاعتراف هيأ استلام الجبهة القومية للسلطة والاستقلال في الثلاثين من نوفمبر 1967م
علي احمد السلامي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق